الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز ومشروعه بالإنسحاب من الأندلس ( 99 - 101 هـ ) - ( 717 - 720 م )

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد التاريخ الإسلامي، والحضارة الإسلامية- قسم التاريخ - کلية الآداب - جامعة حلوان.

المستخلص

       تنبأ الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز بنهاية الأندلس، والفتح ما زال في بداياته، فقد رأى أن الغرب الإسلامي، وبخاصة الأندلس تفتقد لبعض الثوابت التى تحفظ الإسلام والمسلمين، حبذا فى هذا القطر البعيد المنعزل عن لحمة الدولة الإسلامية آنذاک شرقا وغربا، وتوقع بثاقب بصره وبصيرته ما حدث فعليا بعد سقوط الأندلس، فقد حکم مدته القصيرة بنفس الرؤيا والمنطق الذي حکم به جده الفاروق عمر بن الخطاب، وسار على نفس نهجه، بداية من البدأ بنفسه کقدوة وحاکم لأکبر قوة للدولة الإسلامية في حينها، وقد صدقت فراسته واجتهاده في التعامل مع المسلمين، واستطاع في وقت قصير أن يفعل ما لم يفعله غيره في سنوات طوال، حيث وضع نصب عينيه حياة المسلمين کأهم شيىء في الدولة يجب أن يحافظ عليه، ولم يألوا بالا کثيرا لحيازة الأراضى الشاسعة وضمها لدولة الإسلام، فالبشر لديه أهم من الحجر ومن الأرض، لذلک نراه يداوى القلوب بالإسلام أولا ثم بمبادئه السامية من العدل والمساواة، وهو يعرف جيدا أن کل الأمور سوف تسير بعد ذلک في طريقها الصحيح، حيث استطاع في خلال عام واحد فقط أن يعيد صياغة الغرب الإسلامي کله بشقيه المغرب والأندلس، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وهى معجزة بکل المقاييس العلمية لم يسبقه اليها أحد ممن سبقوه أو جاءوا بعده. 

الكلمات الرئيسية


الهوامش والحواشي
(1) عمر بن عبدالعزيز : هو أبو حفص عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحکم، ثامن خلفاء بني أمية في دمشق، ولد بالمدينة المنورة سنة 61 هـ - 681م، وتوفي سنة 101 هـ، 720م، عن أربعين عاما، تولى إمارة المدينة المنورة سنة 87 هـ - (705 - 706م )، في عهد الوليد بن عبدالملک، ثم أضاف له الوليد ولاية الطائف سنة 91 هـ - ( 709 - 710م ). الذهبي : ( شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي )، ت 748 هـ - 1348 م، سير أعلام النبلاء،  تحقيق مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناوؤط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1402 هـ - 1981م، الطبعة الثانية، الجزء الخامس، ص 144.  الصلابي : ( على محمد الصلابي )، معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة، دار التوزيع والنشر الإسلامية، مصر، 1427 هـ، 2006م، ص 11 وما يليها.  وقد إختاره سليمان بن عبدالملک وليا للعهد، بعد أن تم عزله من ولاية الحجاز، وتولى الخلافة عقب وفاة سليمان سنة 99 هـ - ( 717 - 718م )، وتزوج من أم عاصم ابنة عاصم بن عمر بن الخطاب.  ) وللمزيد حول عدل وزهد عمر وورعه راجع : ابن سعد :                   ( محمد بن سعد بن منيع الزهري البغدادي )، ت 230 هـ - 845 م، الطبقات الکبير، تحقيق                   د/ إحسان عباس، دار صادر، بيروت 1968م، الطبعة الأولى، ج5، ص 341، 342، 345. ابن الجوزي : ( أبو الفرج عبدالرحمن بن أبي الحسن التيمي البکري )، ت 597 هـ - 1116م، سيرة ومناقب عمر بن عبدالعزيز الخليفة الزاهد، دار الکتب العلمية، بيروت، 1404 هـ، 1984م، الطبعة الأولى، ص 131. 
(2) السمح بن مالک الخولاني : ذکر المقري أنه الوالى الرابع على الأندلس، وأول من عين مباشرة من قبل الخليفة في دمشق. المقري : ( أحمد بن محمد المقري التلمساني )، ( 986 - 1041 هـ ) -                        ( 1578 - 1631 م )، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، وذکر وزيرها لسان الدين بن الخطيب، حققه ووضع فهارسه الاستاذ الدکتور / إحسان عباس، ثمان مجلدات، المجلد الأول، دار صادر، لبنان، بيروت، 1388 هـ، 1968 م، ج1، ص 299.    أما الأستاذ / محمد عبدالله عنان، فقال أنه خامس ولاة الأندلس. عنان: ( محمد عبدالله عنان )، دولة الإسلام في الأندلس، من الفتح إلى بداية عهد الناصر، ، الناشر الهيئة المصرية العامة للکتاب، مکتبة الأسرة 2001م، الجزء الأول، ص 680.    ويذکر ابن القوطية : أن عمر بن عبدالعزيز قد عهد إليه بإجلاء المسلمين من الأندلس خوفا على أرواحهم، إلا أن السمح کان له دورا بارزا في إثناء عمر وتراجعه عن مشروع الإنسحاب من الأندلس، حيث طمأنه على أحوال المسلمين بها. ابن القوطية : ( أبو بکر محمد بن عمر القرطبي ) ت 367 – 977م، تاريخ إفتتاح الأندلس، تحقيق / إبراهيم الإبياري، دار الکتاب المصري، القاهرة، دار الکتاب اللبناني، المکتبة الأندلسية (2)، بيروت، الطبعة الثانية، 1410 هـ، 1989م، ص 38.  وللمزيد راجع ترجمة السمح کاملة في : المقري : نفس المصدر، ج3، ص 14، 15، 16. 
(3) Leve Provencal : Histoire de L Espagne Musulmane, Leiden, 1950 – 1954, Tomo 1, P 39.
 (4) مؤنس : ( حسين مؤنس ) : فجر الأندلس، دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح إلى قيام الدولة الأموية، 711 - 756م، السرکة العربية للطباعة والنشر، القاهرة، 1959م، الطبعة الأولى، ص 125، 126، 145.
(5) راجع مقدمة کتاب ابن القوطية : تاريخ إفتتاح الأندلس، تحقيق / عبدالله أنيس الطباع، وعمر أنيس الطباع، مؤسسة دار ومکتبة المعارف، بيروت، 1975 م، من ص 9 الى 11.   وقد ذکر البلاذري في نص مهم رغبة عمر بن عبدالعزيز في الإنسحاب من بلاد ما وراء النهر، ولکن يبدو أن القادة العسکريين تمسکوا بفتوحاتهم وطمأنوا الخليفة فلم تتم عملية الإنسحاب. البلاذرى : ( أبو العباس أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي ) ت 279 هـ - 897م، کتاب فتوح البلدان، مراجعة رضوان محمد رضوان ، دار الکتب العلمية، بيروت،   1978م، ص 233، 412.   الطبري : ( أبو جعفر محمد بن جرير الطبري )، ت 310 هـ، 923 م، تاريخ الرسل والملوک، تحقيق / محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف ، القاهرة، 1964م، الطبعة الثانية، الجزء 6، ص 568.
(6) الوليد بن عبدالملک : هو أبو العباس الوليد بن عبدالملک بن مروان بن الحکم بن العاص، ولد بالمدينة المنورة سنة 50 هـ - 668 م، وحکم لحوالي عشر سنوات من ( 86 - 96 هـ ) - ( 705 - 715 م)، وهو الخليفة السادس من خلفاء بني أمية في الشرق، بويع بعهد من أبيه.   للمزيد راجع : ابن کثير : ( أبو الفداء عماد الدين اسماعيل بن عمر بن کثير القرشي الدمشقي )، ت 774 هـ، 1372 م، البداية والنهاية، مکتبة دار المعارف، مصر، 1413 هـ، 1991 م، الطبعة الأولى، ج9، ص 85.    تم في عهده استکمال فتح بلاد المغرب على يد موسى بن نصير، وفتح الأندلس على يد مولى موسى طارق بن زياد. للمزيد راجع : ابن عبدالحکم : ( عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالحکم ) 187 - 257 هـ / 803 - 871م، فتوح مصر والمغرب، دار الکتاب اللبناني للطباعة والنشر، بيروت، 1964م، ج1، ص 231.  ابن عذارى ) أبو عبدالله محمد بن عذاري المراکشي )، عاش حتي 712 هـ               - 1312 م،  البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق ومراجعة ج. س. کولان، وليفي بروفنسال، المکتبة الأندلسية، رقم (4)، دار الثقافة، بيروت، لبنان، الجزء الأول، الطبعة الثانية، 1400 هـ، 1980 م, .  ج1، ص 41، 42.    وکان الوليد أول من أنشأ البيمارستانات                                  ( المستشفيات ) في الإسلام، وأقام مشتشفى في دمشق، سنة 88 هـ، 707م، وکان له إهتماما خاصا بالعمارة الإسلامية. للمزيد راجع : ابن کثير : نفس المصدر، ج9، ص 85. توفي الوليد سنة 96 هـ، 715م. ابن الأثير : ( عز الدين علي بن أحمد بن أبي الکرم ) الکامل في التاريخ، تحقيق / عبدالوهاب النجار، القاهرة، 1357 هـ، 1233م، ج5، ص 9.