نظام ولاية العهد في الأندلس خلال عصرى الإمارة والخلافة 138-422هـ / 756-1031م

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد التاريخ الإسلامى ، والحضارة الإسلامية - کلية الآداب ، جامعة حلوان.

المستخلص

       ظهر نظام ولاية العهد (1)، فى الدولة الإسلامية، بصفة عامة،  مع ظهور دولة بنى أمية فى الشرق الإسلامى(2)، وذلک عقب انتهاء عصر الخلفاء الراشدين، ونقل عاصمة الخلافة إلى بلاد الشام، في مدينة دمشق، على يد أول حکام الدولة الأموية ومؤسسها، معاوية بن أبى سفيان (3)، ومن هنا صبغت الدولة الإسلامية بهذا النظام في الحکم،فى معظم عصورها، ولا نبالغ إذا ما ذکرنا أننا لم نتخلص تماما من هذا النظام إلى عصرنا الحالى، فقد تعددت النظم فى جناحى العالم الإسلامى شرقا وغربا، ولکن يظل النظام واحدا فى تلک النقطة على وجه التحديد، وبعض النظم اتبعت نظام وراثة الإبن کما شاع لدى الأمويين، وبعض النظم اتبعت نظام وراثة الأخ أو الإبن أى نظام مختلط، ولکن الجميع ظل فى نطاق الأسرة الحاکمة الواحدة، کما شاع لدى الخلافة الإسلامية الثانية، خلافة العباسيين ومن جاء بعدهم.
 
       أما فى الأندلس، وفى نطاق نظام ولاية العهد، فلم يشذ الأمويون کثيرا عن النظام الذى اتبعوه إبان دولتهم فى المشرق، وغلب على دولتهم الأندلسية فى عصريها الإمارة والخلافة، نظام ولاية العهد للأبناء، إلا ما ندر، کما حدث فى ولاية أول خلفائهم على الإطلاق الأمير ثم الخليفة عبدالرحمن الناصر، والذى ولد يتيما، وهو التغيير الذى يمکن أن نطلق عليه، أکثر تغييرا کان محمودا، کما أجمع على ذلک الکثير من المؤرخين، فقد آثر بنو أمية فى تلک الفترة المضطربة من تاريخ الأندلس، تغليب عنصر الکفاءة على عنصر الثقة، وهو ما أثمر عن حاکم فذ ربما لم يتکرر فيما مضى أو ما أتى من تاريخ دولة بنى أمية فى الأندلس.

 
 
الهوامش الحواشى
 
(1) ولاية العهد : کلمة ولاية، مشتقة لغويا من الفعل الثلاثى ولى ، فيقال ولى الشيىء أى ملک أمره وقام به، وجاء منها ولى الشيىء ولاية،  أى ملک أمره وقام به وتقلده، وأولاه الأمر إيلاء بمعنى، جعله واليا عليه، وأوصاه به وأورثه إياه.  ابن منظور : ( محمد بن مکرم بن على الأنصارى )  ت 711هـ، لسان العرب، باب ولى، دار إحياء التراث، بيروت، لبنان، 1993م، ص 985. 
      أما کلمة العهد فهى مشتقة من  الفعل الثلاثى عهد، بمعنى أوصى، فالعهد هو الوصية. ابن منظور: نفس المصدر، ص 914. إذا هو الشخص الذى يتخذه الحاکم أو الخليفة ليتولى الحکم بعد وفاته، وذلک إما بالنص عليه وحده، أو على  أکثر من شخص يتولون بالتوالى حيث الترتيب الموضوع، وقد أجازت بعض المذاهب الفقهية عقد البيعة  لأکثر من واحد، حيث يذکر الماوردى فى کتابه ‘‘ الأحکام السلطانية ‘‘، أن هذا من حق الحاکم، لکونه على حد قوله أمير الأمة نافذ لهم وعليهم، فغلب حکم المنصب على حکم النسب، ولم يجعل للتهمة طريقا على أمانته، ولا سبيلا إلى معارضيه، وصار فيها کعهده بها إلى غير ولده ووالده‘‘ الماوردى :  ( أبوالحسن على بن محمد البصرى البغدادى، المعروف بالماوردى )، ت 450 هـ، الأحکام السلطانية والولايات الدينية، تحقيق / أحمد مبارک البغدادى، مکتبة دار ابن قتيبة، الکويت، 1409 هـ، 1989 م، ص 13.
      أما النويرى فيذکر، أن الشخص الذى سيکون وليا للعهد، لا بد أن يتحلى ببعض الصفات النبيلة والأخلاق الحميدة، مثال الصدق والجود والعفة والحلم والشجاعة. النويرى:                         ( شهاب الدين أحمد بن عبدالوهاب  النويرى )، 667 – 733 هـ / 1279 – 1333 م، نهاية الآرب فى فنون الأدب،   تحقيق / مفيد قميحة وأخرون، دار الکتب العلمية، لبنان، بيروت، 1424 هـ، 2004 م، ج6، ص 4.  ويضيف الشهرستانى: حول نظام الحکم ککل فى الدولة الإسلامية بما فيها نظام ولاية العهد قائلا : ‘‘ إن أعظم خلاف بين الأمة هو خلاف الإمامة، إذ  ما سل سيف فى الإسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الإمامة فى کلزمان‘‘. الشهرستانى :                 ( أبو الفتح تاج الدين عبدالکريم الشهرستانى) 476 – 548 هـ / 1086 –  1153 م، الملل والنحل، دار المعرفة للطباعة، بيروت، لبنان، 1975م، الجزء    الأول، ص 28.
(2)  الدولة الأموية أو الخِلافَةُ الأُمَوِيَّةُ أو دولة بني أمية: ( 41 - 132 هـ / 750 - 622 م ) ، هي       ثاني خلافة في تاريخ الإسلام، وأکبر دولة في تاريخ الإسلام ، من حيث الفتوحات الإسلامية.  وکان بنو أمية أولى الأسر المسلمة الحاکمة، وکانت عاصمة الدولة                         في مدينة دمشق. وبلغت الدولة الأموية  ذروة اتساعها في عهد الخليفة العاشر هشام بن عبد الملک ، إذ امتدت حدودها من أطراف الصين شرقاً حتى جنوب فرنسا غرباً، وتمکنت من فتح إفريقية ، والمغرب ،  والأندلس ، وجنوب الغال ( فرنسا حاليا )، والسند ،  وما وراء النهر. وعقب سقوط الدولة الأموية على أيدى العباسيين ، قضوا على معظم أمراء بنى أمية فى مذبحة نهر أبى فطرس ، ولکن تمکن الأمير عبد الرحمن بن معاوية ، الداخل ، من الهروب إلى الأندلس. وأعاد دولة بنى أمية من جديد سنة 138- 756 م.  للمزيد راجع،ابن الأثير :   ( عز الدين أبى الحسن الشيبانى الجزرى ) 555 - 630 هـ /  1160 - 1233 م ،  الکامل فى التاريخ ، الجزء الرابع ، دار صادر، بيروت ، 1979 م ،   من ص 27-30.