عبقرية التخطيط فى تاريخ السيرة النبوية. فى ضوء سيرة ابن هشام

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد التاريخ الإسلامى ، والحضارة الإسلامية - کلية الآداب - جامعة حلوان

المستخلص

       شغلتِ السِّيرةُ النَّبَويَّة حيِّزاً کبيرا من الکتابات التاريخية على مر العصور، ولم تزل الى اليوم تفصح لنا عن الجديد ، فى کافى مناحى الحياة السياسية ، والإجتماعية ، والعلمية والإقتصادية ، فنادرا مانجد من يتطرق الى الکتابة فى التاريخ الإسلامى ، وبخاصه عن صدر الإسلام والخلفاء الراشدين ،  دون العروج الى الإستشهاد بتاريخ السيرة وصاحبها ،  متمثلة فى أقوى مصادرها على الإطلاق وهو القرآن الکريم ، والأحاديث النبوية الشريفة ، والتى تلى القرآن الکريم فى الأهمية ، واللذين قدما لنا الکثير عن سيرته ، ولکن معظمها جاء فى صورة مجملة ، وکلا المصدرين وثقا للسيرة النبوية ، ولکن کان معظمها فى الجانب  التشريعى والفقهى أکثر من الجانب التأريخى ، وتعد سيرة ابن اسحاق (1) من أوثق کتب السيرة المتخصصة التي وصلت إلينا ، والتي تم نشرها خلال العقدين الأخيرين، فهو حجة في المغازي ، رغم ما ذکره منتقديه فى عصره ،  وبخاصة ــ المحدثون ــ  من وجود أشياء کثيرة فى کتاباته ، تخالف المنطق ، وتميل الى الأسطورة ، إلا أنهم رغم ذلک ، نهلوا من أحاديثه فى کافة أمور العقيدة والشريعة والتأريخ ، ولهذا يعد ابن اسحاق من أول وأهم من کتب فى السيرة النبوية ، وعرف کتابه بسيرة ابن إسحاق ، ولکن إسمه الأصلى ‘‘ المبتدأ والمبعث فى المغازى‘‘ ، ضاعت معظم کتاباته ، إلا منشذرات قليلة ، ثم جاء ابن هشام (2) ،فجمعها ثم حذف منها ما رآه غير صالح ، وبصفة خاصة العديد من الأشعار ، ووضع بصمته وإضافاته ، فاختلف العمل تماما ، حتى کاد الناس ينسون ،  صاحب السيرة الأصلية ابن إسحاق ، وأشتهرت وسميت بسيرة إبن هشام .

 
(1) ابن إسحاق : هو أبو بکر محمد بن إسحاق بن يسار المطلبى ، کان مولى لقيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف القرشى، ولد فى المدينة المنورة سنة 85هـ /703م ، وکان جده يسار من سبى عين التمر
    حين إفتتحها المسلمون فى خلافة أبى بکر الصديق سنة 12هـ ، وقد وجده خالد بن الوليد ، فى کنيسة عين التمر من بين الغلمان الذين کانوا رهنا فى يد کسرى فحمله الى المدينة المنورة. ورغم القدح الشديد
      الذى تعرض له ابن اسحاق - ونحن هنا لسنا فى معرض الدفاع عنه - وبخاصة من قبل المحدثين ، والذين اعتبروا المحدث أعلى منزلة من الإخبارى  ( المؤرخ  فيما بعد وبلغة العصور التالية ) إلا أنه يعتبر أول وأفضل من کتب فى السيرة ، بل أنه حاز سبق أول مؤرخ عربى کتب فى السيرة ، وذلک رغم مضى ما يقارب المائة وعشرون سنة بين وفاة النبى  ، وبداية جمعه لرواياته الشفهية قبل أن  يوثقها، وقد اتسمت کتاباته التاريخية بالترتيب الزمنى للأحداث ، وهو أول من استخدم  هذا الأسلوب ،الذى أعتبر سباقا فى عصرة. للمزيد حول ابن اسحاق راجع:-
     ابن سعد ( محمد بن سعد بن منيع البصرى ) ت230هـ . الطبقات الکبرى ، دار صادر ، بيروت ، لبنان ،  1388هـ ،1968م ، ج7، ص321.  الخطيب البغدادى ( أحمد بن عبدالمجيد بن على بن ثابت ) 392- 463هـ ، 1002 - 1071م ، تأريخ بغداد ، تحقيق/ بشار    عواد معروف ، دار الغرب الإسلامى ، الطبعة الأولى ، 1422هـ ، 2001م ، ج1 ، ص 214. الذهبى ( شمس الدين  محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى ) ت 748هـ ، سير أعلام النبلاء ، مؤسسة الرسالة ، 1422هـ - 2001 م، ج7 ، ص 33. 
(2) ابن هشام : هو  أبو محمد عبد الملک ابن هشام بن أيوب الحميري، کاتب سير ومؤرخ بصرى .کما کان عالما بالأنساب واللغة ، وأخبار العرب ، عاصر ابن هشام الإمام الشافعى ، والتقى به فى مصر. توفى سنة 218هـ / 833م ، للمزيد راجع :-
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D9%87%D8%B4%D8%A7%D9%85وحول منهج ابن هشام فى کتابة السيرة النبوية راجع : - جهاد محمود توفيق : منهج ابن هشام ( ت 218هـ) فى السيرة النبوية. بحث منشور ، 23/10/ 2013م ، 19/12/ 1434هـ.  على موقع
http://alukah.net/culture/0/61588/  
 (3) وصفه الإمام مالک بن أنس بأنه دجال من الدجاجلة ، واتهمه هشام بن عروة بن الزبير بالکذب ، لأنه کان يروى عن زوجته فاطمة بنت المنذر بن الزبير ، وکان هشام ينکر سماع ابن إسحاق عنها ،                ويقول  : هو کان يدخل على إمرأتى ؟  . ورمى بالقدر ، والتشيع ،        ولم يرو له الإمام مسلم فى صحيحه إلا  مقرونا بآخر ، أى روى له فى المتابعات . وکذلک لم يرو  له الإمام البخارى فى صحيحه إلا المعلقات.
     ( والمعلق هو ما حذف من مبتدأ إسناده واحد فأکثر ، ولو الى أخر الإسناد . للمزيد راجع :- مهدى رزق الله أحمد : السيرة النبوية فى ضوء المصادر الأصلية ، دراسة توثيقية تحليلية  إضافات هامة ، مکتبة الرشد ، الطبعة الرابعة ، 1433هـ ، 2012م ، ص 26 . وهامش (3) .
(4) مهدى رزق الله : نفس المرجع ، ص 27.
(5) http://veronese.mo-rpg.com/t430-topic        
(6) سورة الحج ، الأيتان 39 ، 40.
(7) للمزيد حول تفسير أول الأيات التى نزلت فى الحض على الجهاد ، راجع:-
      ابن کثير ( اسماعيل بن عمر بن کثير القرشى الدمشقى )           (700 - 774 هـ) (1300 - 1372م ) . تفسير القرآن العظيم ، دار طيبة ، سنة 1422هـ ، 2002م . ثمانية أجزاء ، ص 434.
(8) سرية نخلة : بعث رسول الله  الصحابى عبد الله بن جحش ،   فى شهر رجب ، فى الشهر السابع عشر من الهجرة الى المدينة ، على رأس سرية من ثمانية رهط ( أى دون العشرة ) من المهاجرين
    وکتب له کتابا وأمره الا ينظر فيه حتى مسير يومين ، وعندما فتح الکتاب ، وجد فيه الأمر بالتوجه الى نخلة ، وهى بين مکة والطائف ، لرصد قريش ومعرفة أخبارها ، ومرت بهم عير لقريش وتجارة فيها عمرو بن الحضرمى ، الذى رماه واقد بن عبد الله التيمى بسهم قتله ، علاوة على أسر اثنين من  القرشيين ، وکان الشهر من الأشهر الحرم ، وتفاءلت يهود بأسماء القاتل والمقتول فى اشتعالالحرب بين الفريقين . وهنا فرج الله على المسلمين ، بنزول أيات القتال . للمزيد حول سرية نخلة .
 راجع :- ابن شهبة ( محمد بن أحمد بن سويلم ) السيرة النبوية فى ضوء القرآن والسنة ، دار القلم ، دمشق ، 1409هـ ، 1988م، الجزء الثانى ، ص 121، 122. الغزالى ( الشيخ محمد الغزالى المصرى) ت 1416هـ ، 1996م ، فقه السيرة ، عالم المعرفة ، 1397هـ ، 1976م ، الطبعة السابعة ، ص 231 ، 232.
(9) الصنعانى ( الإمام أبو بکر عبد الرزاق بن همام الصنعانى )             ( 126- 211هـ) (744 - 827م )مصنف عبد الرزاق ، المکتب الإسلامى ، 1403هـ ، 1983م ، عدد الأجزاء ، إحدى عشر  الجزء الخامس ، ص 332.  
(10) مهدى رزق الله : السيرة النبوية فى ضوء المصادر         الأصلية ، ص 317.
(11) مهدى رزق الله : نفس المرجع والصفحة. 
 (12)  سورة المدثر : الأيات من 1-7.
(13)  ابن هشام : السيرة النبوية ، ج1 ، ص 325.
(14) ابن هشام : نفس المصدر ، ج1 ، ص 318، 324.
(15) اليعمرى ( أبو الفتح محمد بن محمد بن سيد الناس )         (671-734) (1273-1334) ، عيون الأثر فى  فنون المغازى والشمائل والسير ، مکتبة القدس ، القاهرة ، 1356هـ ‘ 1937م ، ج1 ، ص 93، 98.
(16) ابن هشام : السيرة النبوية ، ص 192. وللمزيد حول آل ياسر :- راجع :- الغزالى : فقه السيرة ، ص 108.
(17) البوطى : ( الدکتور محمد سعيد رمضان البوطى ) فقه السيرة النبوية ، دار الفکر ، دمشق ، الطبعة السابعة ، 1398هـ ، 1978م ، ص76.
(18) البوطى : نفس المرجع ، ص 77.
(19)  هو خباب بن الآرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن تيم التميمى ، ويقال الخزاعى . ابن هشام : نفس
        المصدر ، ج1 ، ص 319.
(20)  ابن حجر : ( أحمد بن على بن حجر العسقلانى ) ت 852هـ  ،فتح البارى شرح صحيح البخارى ،
مکتبة الکليات الأزهرية ، 1398هـ ، 1978م ، ج14، ص 113، 114، ح 3612.